يعتبر الشهر الأول من حياة الرضيع فترة حاسمة في تطوره، حيث يشهد تغيرات سريعة ومدهشة. خلال هذه الفترة، يتكيف الطفل مع العالم الخارجي، ويبدأ في بناء علاقات اجتماعية مع محيطه، ويتعلم مهارات جديدة يومًا بعد يوم. في هذا المقال، سنتعرف على أهم مراحل تتطور الطفل في الشهر الأول، وما الذي يمكن للأمهات والآباء توقعه خلال هذه الفترة المثيرة.

تطور الحواس

في الشهر الأول، يبدأ الرضيع في استكشاف العالم من حوله باستخدام حواسه الخمس. فهو يركز بصره على الوجوه والأشياء المتحركة، ويستجيب للأصوات، ويستمتع بلمسة والديه الحنونة. قد يلاحظ الوالدان أن طفلهما يفضل النظر إلى الأنماط البسيطة والألوان المتباينة، ويستمتع بسماع الأصوات المهدئة مثل صوت الأم أو الموسيقى الهادئة. وبذلك نلاحظ تطور الطفل في الشهر الأولمن خلال هذه الحواس:

البصر: يبدأ الرضيع برؤية الأشياء على بعد حوالي 20-25 سم، وهو تقريبًا مسافة وجه الأم عندما تحمله. يفضل الألوان المتباينة مثل الأبيض والأسود والأحمر، والأشكال البسيطة. لتشجيع تطور البصر، يمكن تعليق ألعاب ملونة فوق سريره أو تحريكها ببطء أمام عينيه.

السمع: يستجيب الرضيع للأصوات العالية والمنخفضة، ويستطيع تمييز صوت والديه عن أصوات الآخرين. يمكن قراءة القصص له بصوت هادئ، أو تشغيل موسيقى هادئة، أو التحدث إليه بصوت لطيف.

اللمس: يحب الرضيع الشعور بلمسة والديه الحنونة، ويستجيب للحمل والتهدئة. يمكن تدليك جسمه بزيت خاص بالأطفال، أو اللعب معه بالألعاب القماشية الناعمة.

الذوق: يبدأ الرضيع في تمييز الأذواق المختلفة، ويستمتع بطعم حليب الأم. يمكن تقديم بعض الأطعمة التكميلية بعد الشهر السادس، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل البدء.

الشم: يستطيع الرضيع تمييز رائحة والدته، ويسترخي عندما يشتم رائحتها. يمكن استخدام عطور الأطفال الخفيفة لتوفير بيئة مريحة للطفل.

تطور الحركة:

على الرغم من أن حركات الرضيع في الشهر الأول محدودة، إلا أنه يبدأ في إظهار بعض الانعكاسات الفطرية مثل مص الإصبع والإمساك بأصابع والديه. كما قد يرفع رأسه لفترة قصيرة عندما يكون على بطنه، ويحرك ذراعيه وساقيه بشكل عفوي. هذه الحركات البسيطة هي أساس لتطور الحركات الأكثر تعقيدًا في الأشهر القادمة. اذا كنت تراقب تطور الطفل في الشهر الأول عن كثب فمن البديهي أن تلاحظ:

الحركات الانعكاسية: يظهر الرضيع العديد من الحركات الانعكاسية مثل مص الإصبع، والإمساك بالأصابع، ورد الفعل على الضوء، والبحث عن الثدي. هذه الحركات طبيعية وتختفي تدريجيًا مع نمو الطفل.

الحركات الإرادية: يبدأ الرضيع في التحكم في بعض حركاته، مثل رفع رأسه لفترة قصيرة عندما يكون على بطنه، وحركة اليدين والقدمين. يمكن مساعدة الرضيع على تطوير مهاراته الحركية من خلال وضع ألعاب ملونة في متناول يده، وتشجيعه على الرفس.

يعتبر النوم جزءًا أساسيًا من نمو الرضيع في الشهر الأول. قد ينام الطفل حديث الولادة ما يصل إلى 16-18 ساعة يوميًا، مقسمة إلى فترات نوم قصيرة. من الطبيعي أن يستيقظ الرضيع عدة مرات خلال الليل للرضاعة. مع مرور الوقت، سيبدأ الطفل في تنظيم نمط نومه تدريجيًا. لكنه قد يعاني الرضيع من اضطرابات النوم لأسباب عديدة، مثل الجوع، أو التسنين، أو المغص، أو الرغبة في الشعور بالأمان.

في هذه الحالة،  يمكن تهيئة بيئة نوم مريحة للرضيع من خلال الحفاظ على درجة حرارة الغرفة معتدلة، وتوفير إضاءة خافتة، واستخدام بطانية خفيفة. يمكن أيضًا تطوير روتين نوم ثابت قبل النوم، مثل الاستحمام الدافئ وقراءة قصة.

لذلك، يجب أن يكون روتين النوم ثابتًا وهادئًا، ويجب تجنب الأنشطة المحفزة قبل النوم، مثل اللعب النشط أو مشاهدة التلفزيون.

من ابرز تطورات الطفل في الشهر الأول ان يبدأ الرضيع في بناء علاقات اجتماعية مع والديه ومحيطه . فهو يستجيب لابتسامة والديه ويحاول تقليد تعبيرات وجههم. قد يهدأ عند سماعه صوت والدته أو عند حمله. هذه التفاعلات الاجتماعية المبكرة هي أساس لتكوين روابط عاطفية قوية بين الرضيع ووالديه.

يساعد التفاعل الاجتماعي الرضيع على بناء علاقات قوية مع والديه ومحيطه، ويعزز نموه العاطفي والاجتماعي.

وهنا تأتي كيفية بناء علاقة قوية من خلال اللعب معه، والتحدث إليه بصوت لطيف، والتعبير عن الحب والحنان. يمكن أيضًا استخدام لغة الجسد للتواصل مع الطفل، مثل الابتسامة والاحتضان.

أتعتبر الرضاعة الطبيعية هي الغذاء المثالي في كل مراحل تطور الطفل في الشهر الأول وما بعده، حيث تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها لنموه وتطوره. كما أنها تساعد على تقوية جهاز المناعة لدى الطفل، وتقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض.

الحليب هو الغذاء الوحيد الذي يحتاجه الرضيع في الشهر الأول. سواء كان الرضاعة طبيعية أو صناعية، يجب التأكد من أن الطفل يحصل على كمية كافية من الحليب لنموه وتطوره. قد يحتاج الرضيع إلى الرضاعة كل ساعتين أو ثلاث ساعات.

قد تواجه بعض الأمهات مشاكل في الرضاعة، مثل التشققات أو قلة الإرضاع. يمكن استشارة المستشار lactation consultant لمساعدتهن على حل هذه المشاكل.

ويجب تأخير إدخال الأطعمة التكميلية حتى يبلغ الطفل عمر ستة أشهر على الأقل، ويجب استشارة الطبيب قبل البدء.

الشهر الأول من حياة الرضيع هو فترة مليئة بالتغيرات والمفاجآت. قد يشعر الوالدان بالقلق والارتباك في بعض الأحيان، ولكن من المهم تذكر أن كل طفل ينمو بوتيرة مختلفة. من خلال تقديم الحب والدعم والرعاية اللازمة، يمكن للوالدين مساعدة أطفالهم على النمو بشكل صحي وسعيد.

تكوين روتين يومي: يساعد الروتين اليومي الثابت الطفل على الشعور بالأمان والاستقرار. يمكن أن يشمل هذا الروتين وقتًا محددًا للنوم والاستيقاظ، والرضاعة، واللعب، والاستحمام.

التواصل مع آباء آخرين: يمكن للآباء الجدد الاستفادة من تجارب الآخرين من خلال الانضمام إلى مجموعات الدعم أو المنتديات عبر الإنترنت.

العناية بالنفس: من المهم أن يخصص الوالدان وقتًا لأنفسهما للراحة والاسترخاء، فهذا يساعدهم على تقديم رعاية أفضل لأطفالهم. يمكن ممارسة تمارين الاسترخاء، أو قراءة كتاب، أو الخروج في نزهة قصيرة.

التغذية الصحية: يجب على الأم المرضعة اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، وشرب كمية كافية من الماء.

تجنب الإرهاق: يجب على الوالدين تجنب الإرهاق الزائد، والطلب من الآخرين المساعدة في الأعمال المنزلية ورعاية الطفل عند الحاجة.

التعرف على علامات التطور: يجب على الوالدين مراقبة تطور طفلهم عن كثب، والبحث عن أي علامات تدل على وجود مشكلة.

الاحتفال بالإنجازات الصغيرة: يجب الاحتفال بالإنجازات الصغيرة التي يحققها الطفل، مثل الابتسامة الأولى أو الزحف الأول.

التحلي بالصبر: تربية الأطفال عملية تتطلب الكثير من الصبر والتفهم. يجب على الوالدين أن يكونوا صبورين مع أطفالهم وأن يتقبلوا أخطائهم.

التعلم المستمر: يجب على الوالدين الاستمرار في التعلم عن تربية الأطفال من خلال قراءة الكتب والمقالات، وحضور ورش العمل.

طلب المساعدة المهنية عند الحاجة: إذا كان الوالدان يشعران بالضغط أو الإرهاق الشديد، يجب عليهم طلب المساعدة من متخصص في الصحة النفسية.

الشهر الأول مع طفلك هو رحلة فريدة مليئة بالحب والاكتشاف. قد تشعر أحيانًا بالإرهاق والقلق أو لا تلاحظي تطور الطفل في الشهر الأول فتقلقين، تذكري أنك لست وحدك في هذه التجربة. استمتعي بكل لحظة، وثق في حدسك، ولا تترددي في طلب المساعدة عندما تحتاجينها. تذكري أنك الأفضل لطفلك، وأن حبك ودعمك هما كل ما يحتاجه لينمو ويزدهر.